في ظل كوفيد-19 الذي أثّر على سكاننا وأنظمتنا الصحية بشكل كبير، من المهم جداً مناقشة أهمية الرصد المستند إلى الأحداث، الذي يجمع ويحلل المعلومات من مصادر غير تلك التي يولدها النظام الصحي. ويُعرَّف هذا النظام بأنه عملية جمع ورصد وتقييم وتفسير المعلومات المخصصة وغير المنتظمة بشكل أساسي بشأن الأحداث أو المخاطر الصحية التي قد تمثل خطراً حاداً على صحة الإنسان. ويؤدي الرصد المستند إلى الأحداث إلى زيادة كبيرة في حساسية نظام الرصد ويمكن أن يسهم بشكل كبير في الكشف السريع عن الأحداث الصحية العامة.

ولتسليط الضوء بشكل أكبر على هذا الموضوع، عقدت امفنت ندوتها الثامنة عبر الانترنت بعنوان " الرصد المستند إلى الأحداث في الشرق المتوسط: التقدم المحرز والممارسات الفضلى" في 27 تشرين الأول، 2020 من الساعة 17:00 – 18:30 بالتوقيت المحلي للأردن. وهدفت الندوة إلى تحديد الثغرات والتحديات التي تواجهها البلدان والطرق الممكنة لسد هذه الثغرات إلى جانب الخبرات القطرية من السودان وليبيا.

وقد ترأس الندوة أربعة خبراء في مجال الصحة، وهم: السيدة شريفة ميرالي وهي أخصائية وبائيات في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور بيير نابيث وهو مدير برنامج معلومات الطوارئ الصحية وتقييم المخاطر، برنامج منظمة الصحة العالمية لحالات الطوارئ الصحية، و الدكتور محمد الفقيه وهو منسق فرق الرصد الوطنية والاستجابة السريعة في المركز الوطني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في ليبيا، و الدكتور منتصر محمد عثمان وهو وكيل مديرية الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة في وزارة الصحة الاتحادية – السودان، و الدكتور آرون بالاجي وهو المدير المساعد لعلوم الصحة العالمية في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور محمود كايد  وهو أخصائي صحة عامة في الصحة الدولية للتنمية/امفنت.

عرض الدكتور محمود موضوع الندوة من خلال التأكيد على أهمية الرصد المستند إلى الأحداث في البلدان للتخفيف من الآثار الصحية لكوفيد-19. ثم انتقل لتلخيص نتائج استطلاع للرأي الذي أرسلته الصحة الدولية للتنمية/امفنت بالتعاون مع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أتلانتا ومنظمة الصحة العالمية /المكتب الإقليمي لشرق المتوسط إلى بلدان الشرق المتوسط المتعددة لفهم مشهد الرصد المستند إلى الأحداث. ثم اختتم بقديم المتحدثين والميسر الثاني.

وبدأت السيدة شريفة في عرضها التقديمي بالحديث عن الطريقة التي يمكن بها ظهور الأمراض وعودة ظهورها إلى جانب العولمة المتزايدة باستمرار. وتشترط اللوائح الصحية الدولية على البلدان أن تضع نظاما للإنذار المبكر، يشمل نظام الرصد المستند إلى الأحداث كجزء منها. وأوضحت أيضاً أن فريق العلوم الصحية العالمية في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يركز على الرصد المستند إلى الأحداث في المرافق الصحية والمجتمعات المحلية، ويعمل مع شركاء متعددين لتحقيق هذا الهدف. وناقشت أيضاً الرصد المستند إلى الأحداث في سياق كوفيد-19، حيث يمكن الكشف عن المجموعات والوفيات والحالات بين العاملين الصحيين. واختتمت كلمتها بالتأكيد على أهمية الرصد المستند إلى الأحداث كجزء من أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة، والتي يمكن أن تساعد في الكشف عن حالات كوفيد-19.

وقدم الدكتور بيير أهداف نظم الرصد التي تتمثل في رصد الوفيات والأمراض وتقديم معلومات في الوقت المناسب عن تهديدات الصحة العامة لتوجيه تدابير المكافحة. وانتقل إلى مناقشة بعض التحديات التي تواجهها أنظمة الرصد مثل التفكك وعدم وجود مسؤوليات واضحة وتبادل البيانات وارتفاع عدد الموظفين وانعدام الاستدامة. ويعتبر تكامل نظم الرصد ضروريا من أجل حل هذه المشاكل. كما أضاف أيضا أن منظمة الصحة العالمية/ المكتب الإقليمي لشرق المتوسط تعمل على وضع المواصفات التقنية اللازمة لمنصة الرصد الإلكترونية ومجموعة أدوات تقييم الترصد وبناء قدرة DHIS2 وتعزيز الإنذار المبكر والاستجابة في بلدان منطقة الشرق المتوسط. وأخيراً ناقش "EIOS" وهي أداة تجمع المقالات من مصادر متعددة، حيث استخدمت كواجهة مستخدم.

وبدأ المتحدث الثالث الدكتور محمد بتوضيح الفرق بين الرصد المستند إلى الأحداث والرصد المستند إلى المؤشرات. ففي الرصد المستند إلى الأحداث، تتم الإشارة إلى تهديد للصحة العامة متبوعة بتنبيه ثم استجابة سريعة يصاحبها تقييم مستمر للمخاطر. أما بالنسبة إلى الرصد المستند إلى المؤشرات فيؤدي إلى استجابة طويلة الأجل أو هيكلية.

وانتقل إلى توضيح نظام الرصد في ليبيا، الذي توقف بسبب النزاع وعدم الاستقرار السياسي. واستجابة لهذه المشكلة، أدخلت ليبيا شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة في عام 2016 بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

وشرح أيضا عن هيكل نظام شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة وسلط الدكتور محمد الضوء على توسيع نطاق هذا النظام للاستجابة إلى كوفيد-19. ثم قدم الدكتور الفقيه التحديات الرئيسية التي تواجهها في نقص الموارد وعدم الاستقرار والاستدامة. ومن المشاكل الأخرى التي تواجهها اللجنة نقص الإبلاغ عن حالات كوفيد-19 والحالات التي لا تلتمس العلاج ومحدودية القدرة على إجراء الفحوصات وعدم إجراءها في الوقت المناسب ومحدودية نوعية بيانات الرصد. واختتم عرضه بسرد الدروس المستفادة التي تشمل: تعزيز مساعدات الرصد لكوفيد-19 في مكافحة الانتشار واعتماد أنظمة رصد متعددة يمكن أن تضمن تغطية أوسع والحاجة إلى تقييمات منتظمة ووجود المزيد من المختبرات المشاركة في إجراء الفحوصات. 

بدأ الدكتور منتصر عرضه من خلال تقديم نظام الرصد الذي تم إنشاؤه منذ عام 1970 والذي واجه الكثير من التحديات التي تم تحسينها على مر السنين. وفي عام 2016، أصبح الرصد المستند إلى الأحداث أحد الأدوات الرئيسية للرصد باستخدام الأدلة وإجراءات العمل الموحدة. وفي عام 2017، تم اختيار جهات التنسيق وتدريبها. وفي عام 2018، أصبح النظام فعالاً. أما بالنسبة إلى تدفق المعلومات في البلاد، فهو على النحو التالي: منطقة المصدر (الرسمية/غير الرسمية) من المجتمع إلى المرفق الصحي والجهات المحلية والولايات والمستوى المركزي من خلال الهواتف النقالة. وشارك الدكتور منتصر أحد تقارير السودان للرصد المستند إلى الأحداث وأوضح أن هناك تقارير يومية خلال كوفيد-19. وتتمثل التحديات الرئيسية التي تواجه السودان فيما يتعلق بالرصد المستند إلى الأحداث في ارتفاع معدل تنقل الموظفين المدربين وعدم كفاية أدوات الاتصال وعدم انتظام الأداة المشتركة بين القطاعات.

وأعقبت العروض جلسة للأسئلة والاجابة أدارها الدكتور بالاجي، وتركزت حول الأسئلة الهامة وذات الصلة التي تلقاها من الحاضرين. واعتبرت الجلسة ناجحة حيث استقطبت 247 شخصاً