يعتبر مفهوم الصحة الواحدة نهجاً ضرورياً، حيث يعتمد على ترابط صحة الإنسان والحيوان والبيئة.

كما يلعب نهج الصحة الواحدة دوراً هاماً في الوقاية من الأمراض واكتشافها ومكافحتها، فضلاً عن حماية البيئة، ومكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وضمان سلامة الأغذية وأمنها.

وتفيد خطة العمل العالمية المشتركة من أجل الصحة الواحدة بأنه نهج متكامل ومتعدد القطاعات وشامل ومتعدد التخصصات قادر على حل التحديات الصحية الملحّة.

ولمناقشة هذا الموضوع بشكل أوسع، عَقَدت الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (امفنتEMPHNET ) ندوةً إلكترونيةً بعنوان "الحفاظ على تعاون هادف متعدد القطاعات من أجل صحة واحدة: شروط النجاح" كجزء من سلسلة ندوات امفنت الإلكترونية، يوم الثلاثاء 25 يوليو/حزيران 2023. وشارك في الجلسة التي استمرت 90 دقيقة ثلاثة خبراء متخصصين هم: دكتور أنيندا رحمن، نائب مدير برنامج مقاومة مضادات الميكروبات والتهاب الكبد الفيروسي ومكافحة أمراض الإسهال في بنغلاديش، والدكتور المبشّر فرج، رئيس برامج مكافحة الأمراض السارية، قسم حماية الصحة والأمراض السارية في وزارة الصحة العامة في قطر، ودكتور سيساي جيتاشيو، رئيس اللجنة التوجيهية للصحة الواحدة، ومدير مديرية الصحة العامة البيطرية في وزارة الزراعة في إثيوبيا.

وأدار هذه الجلسة الدكتور دونال بيسانزيو، كبير علماء الأوبئة للأمن الصحي العالمي التابع لمعهد مثلث البحوث (RTI International).

وافتتح دكتور رحمن الجلسة بتسليط الضوء على أهمية اعتماد نهج الصحة الواحدة والتعريف المحدّث له. ثم ركز على أهمية اعتماد نهج متعدد القطاعات وذكر فوائده، والذي يمكن أن يساعد في الاستجابة المشتركة والآنية للأوبئة وأحداث الصحة العامة.

ثم ناقش دكتور رحمن التحديات التي تعيق التعاون المستدام متعدد القطاعات، بما في ذلك الأهداف المتباينة، واختلال توازن القوى ومعوقات الاتصال والموارد المتنافس عليها وصوامع التخزين المؤسسية والافتقار إلى الأطر القانونية. مضيفاً بأن التغلب على هذه العقبات سيؤدي إلى استجابات فعّالة وآنية للأمراض وتبادل المعلومات والمساءلة والاستخدام الفعّال للموارد.

علاوة على ذلك، تحدّث دكتور رحمن عن قصة نجاح تعاون بنغلاديش المستمر في مجال الصحة الواحدة، والذي بدأ في عام 2008 بعد تفشّي فيروس نيباه، مشيراً الى أن إنشاء منصة الصحة الواحدة قد جمع مختلف الأقسام لتعزيز النهج في البلاد. وأحرزت بنغلاديش تقدماً كبيراً من خلال تشكيل اللجان وإطلاق منصة عمل المجتمع المدني للصحة الواحدة ووضع إطار استراتيجي وخطة عمل وطنيين للصحة الواحدة.

كما أكّد دكتور رحمن على مبادرات الصحة الواحدة النموذجية في بنغلاديش، بما في ذلك برنامج التطعيم الجماعي للكلاب للسيطرة على داء الكلب والتحقيقات المشتركة الناجحة في الفاشيات وإدارتها.

واختتم عرضه بالإشارة إلى أن الحكومة ستظهر كعامل حاسم للحفاظ على التعاون متعدد القطاعات، مع معالي الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنغلاديش التي تعد مدافعةً نشطةً عن مبادرة الصحة الواحدة ومبادرات مقاومة مضادات الميكروبات. الذي ألهم دعمها المهنيين من مختلف القطاعات للمساهمة بشكل أكثر فعالية في مبادرات الصحة الواحدة.

وبدوره وخلال عرضٍ ملهم، أبرز دكتور المبشّر فرج نجاح قطر في مواجهة التحديات التي تفرضها الأمراض السارية.  وشدد خلال عرضه التقديمي أمام جمهور متنوّع من الخبراء على الدور الحاسم لنهج الصحة الواحدة في تيسير الاستجابة السريعة والمنسقة للفاشيات.

وشرع دكتور فرج بمناقشة الحاجة إلى نهج موحّد لمكافحة الأمراض التي تتجاوز الحدود والأنواع وأكد على ضرورة كسر صوامع التخزين المنعزلة وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، بما في ذلك صحة الإنسان وصحة الحيوان والصحة البيئية. وشدد على أنه يمكن تحقيق استجابات فعالة وآنية للأمراض الناشئة من خلال القيام بذلك.

ونقلاً عن  دكتور فرج فقد بدأت قصة نجاح قطر في عام 2012 عندما واجهت قطر تفشياً ﻓﯾروس ﻛوروﻧﺎ اﻟﻣﺳﺑب ﻟﻣﺗﻼزﻣﺔ اﻟﺷرق اﻷوﺳط اﻟﺗﻧﻔﺳﯾﺔ MERS COV ، مشدّداً على أن نهج الصحة الواحدة هو العمود الفقري لاستجابتهم الوطنية، مما أدى الى سرعة عزل الفيروس عن كل من الإبل والبشر. وبذلك تكون قطر أول دولة على مستوى العالم التي تبلّغ عن عدوى فيروس كورونا حيوانية المنشأ لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والناشئة عن الإبل.

وعلى الرغم من نجاح هذه التجربة، ركّز دكتور فرج على ضرورة مواصلة الجهود. فعلى سبيل المثال، تتطلب وصمة العار المرتبطة بالأمراض الحيوانية المصدر والثغرات في فهم انتقال العدوى بدون أعراض مزيداً من الاهتمام. وبالتطلع إلى المستقبل، تهدف قطر إلى تطوير استراتيجية شاملة لنهج الصحة الواحدة تغطي القيادة والتمويل والأولويات البحثية والتأهب للأوبئة المحتملة.

وقدّم الدكتور سيساي جيتاشيو خلال العرض الثالث والأخير للندوة نبذةً عن جهود إثيوبيا لإنشاء منصّة تنسيقية وفعّالة من أجل نهج الصحة الواحدة. وشدد الدكتور جيتاشيو على أهمية اتباع نهج متعدد القطاعات في التصدي للتحديات الصحية المعقدة وعرض أمثلة عملية للتنفيذ الناجح.

كما أكد على الطبيعة التعاونية لنهج الصحة الواحدة، والتي تشمل قطاعات متنوعة تعمل معاً في إطار الهدف المشترك لحماية صحة الإنسان والحيوان والبيئة. وأبرز أنّ تحقيق جدول أعمال الأمن العالمي لنهج الصحة الواحدة يستلزم تبنّي نهج الصحة الواحدة.

وقدّم مثالاً عملياً على التقدّم الذي أحرزته إثيوبيا في إنشاء لجنة توجيهية وطنية للصحة الواحدة والتي تتألف من ممثلين عن وزارة الصحة ووزارة الزراعة وهيئة الحفاظ على الحياة البرية. وتُسهّل اللجنة التنسيق والتعاون متعدّد القطاعات بين أصحاب المصلحة في نهج الصحة الواحدة.

وقد نجحت منصة الصحة الواحدة في إثيوبيا في وضع وثائق استراتيجية، بما في ذلك خطط استراتيجية لأمراض محدّدة والاتصالات. وتعطي هذه الوثائق الأولوية لمختلف التحديات الصحية، وتضمن اتخاذ إجراءات منسّقة وهادفة.

وبعد انتهاء العروض التقديمية، أدار الدكتور دونال بيسانزيو جلسة الأسئلة والأجوبة التي شارك بها المشاركون والمتحدثون، ثم اختتم الجلسة بشكر المتحدثين والحضور على مشاركتهم.

هذا وحضر الندوة الإلكترونية ما مجموعه 167 مشاركاً، والذي يعتبر نجاحاً آخر  لسلسلة ندوات امفنت الالكترونية.