يعد مؤتمر الأمن الصحي العالمي حدثا دوليا هاما يجمع نخبة من أصحاب المصلحة في مجال الصحة العالمية. يهدف المؤتمر إلى تقييم التقدم المحرز في تعزيز أنظمة الصحة العالمية، وتحديد الفرص التي من شأنها تعزيز الأمن الصحي على النطاق العالمي.

عقدت النسخة الثالثة من المؤتمر، GHS2024، في سيدني، أستراليا، خلال الفترة من 18 إلى 21 حزيران/يونيو 2024. وضم المؤتمر مشاركة واسعة من مختلف الجهات، بما في ذلك الحكومتين الأسترالية والكندية، ومركز الأمن الصحي لمنطقة المحيط الهندي-الهادئ، ووزارة الشؤون الاجتماعية والصحة في فنلندا.

تميز المؤتمر ببرنامجه الحافل الذي تضمن 109 جلسة نقاشية، وثماني كلمات رئيسية، و22 ورشة عمل تدريبية، وأربع فعاليات جانبية، إلى جانب العديد من المشاريع الممولة. وقد اجتمع خلال هذه الفعاليات خبراء من مختلف المجالات، شملت الأكاديميين والحكوميين ومنظمات دولية ومؤسسات القطاع الخاص، ممثلين عن مجالات متنوعة مثل الصحة والطب البيطري والدفاع والعلاقات الدولية وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، وغيرها.

شارك وفد من الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية "امفنت" في هذا الحدث رفيع المستوى إلى جانب منظمات أخرى. وقد أتاحت هذا المشاركة لممثلي "امفنت" الفرصة للانخراط في نقاشات مثمرة مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم، وعقد اجتماعات هادفة، والمشاركة بفعالية في جلسات وورش العمل المتنوعة.

تناول المؤتمر التحديات الملحة التي تواجه الأمن الصحي العالمي،  مسلطا الضوء على المخاطر المتزايدة، سواء كانت قائمة أو ناشئة.  واعتبر المتحدثون التغير المناخي كعامل رئيسي يحفز تفشي الأمراض ومشاكل صحية أخرى، بينما ناقشوا أيضا مقاومة المضادات الحيوية، وازدياد الصراعات، والصعوبات الاقتصادية، كعوامل تثقل كاهل البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

تطرق المؤتمر إلى حلول مقترحة لمواجهة هذه التحديات، من خلال تبني نهج متعدد القطاعات يشارك فيه مختلف الجهات، وتعزيز قدرات اللوائح الصحية الدولية (IHR)، وتطوير قدرات القوى العاملة في مجال الصحة، وإدارة البيانات والتقارير بطرق مبتكرة، وتعزيز مشاركة المجتمع.  تم اقتراح هذه الحلول بناء على وجهات نظر البلدان والقارات المختلفة، مما أثرى الحوار بتجارب عملية مجربة ومثبتة. وقد أظهرت جلسات المؤتمر بوضوح طبيعة الأمن الصحي المتعددة القطاعات،  مفسحة المجال لمناقشات ثرية ضمت خبراء من مجالات الدفاع والعلوم الاجتماعية والقانون.

حظي إقليم شرق المتوسط (EMR) باهتمام كبير خلال هذه المناقشات، وقد تم تمثيل المنطقة من قبل وزارة الصحة العامة في لبنان، والمعهد الوطني للصحة ووزارة الصحة في باكستان، وهيئة الصحة العامة في المملكة العربية السعودية، إلى جانب ممثلين آخرين. أثرت مساهمات هذه الجهات بشكل كبير في إثراء النقاش حول التحديات الصحية التي تواجه إقليم شرق المتوسط. وقدمت توصيات عملية تتناول جوانب رئيسية مثل بناء قدرات القوى العاملة في مجال الصحة، وإدارة المعلومات الوبائية، وحماية الصحة في البيئات الهشة، والتأهب حالات الطوارئ الناتجة عن التغير المناخي، وتعزيز الاستعداد عند نقاط الدخول، وكذلك مشاركة المجتمع.

قدمت "امفنت" رؤيتها الخاصة في الحدث، حيث شارك ممثلوها كمتحدثين رئيسيين إلى جانب نظرائهم من الشبكة الأفريقية للوبائيات الميدانية "أفينت"، وجهات أخرى رائدة، في ورشة عمل متخصصة لبناء المهارات حول توطين برامج تدريب الوبائيات الميدانية (FETPs) في مختلف البلدان.

ركزت الجلسة على دمج العلوم الاجتماعية في برامج تدريب الوبائيات الميدانية من خلال الأساليب النوعية السريعة (RQMs)، وتناولت الجلسة تبادل الخبرات حول التجارب العملية لاستخدام هذه الأساليب، وتحديات توطين برامج تدريب الوبائيات الميدانية في مختلف السياقات، وتطبيقات الأساليب النوعية السريعة في مراقبة الأمراض، بما يتناسب مع احتياجات منطقة شرق المتوسط وأفريقيا وما بعدهما.

محاور الحديث في ورشة بناء المهارات التي نظمتها شبكة العمل الوبائي حول "تعبئة موارد إضافية ومتوقعة ومستدامة لتمويل الأمن الصحي العالمي" والتي شهدت مشاركة "امفنت" "

حظيت "امفنت" بتقدير خاص خلال فعاليات المؤتمر نظير مساهماتها المميزة في مجالات إدارة المخاطر البيولوجية، ونهج الصحة الواحدة، وإجراءات مكافحة الأمراض. وتمت الإشادة بمساهماتها القيمة من قبل المشاركين في العروض المقدمة من داخل المنطقة وخارجها.

جسدت مشاركة إقليم شرق المتوسط النشطة في مؤتمر الصحة العالمي (GHS2024) واعتراف المجتمع الدولي بأهمية هذه المشاركة الدور المحوري الذي يلعبه الإقليم على الساحة الصحية العالمية. كما تؤكد هذه المشاركة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن الصحي، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات السياقية لكل بلد.  كما تبرز الحاجة الملحة إلى إصدار إرشادات مستندة إلى السياق الوطني لضمان فاعلية الجهود المبذولة على مستوى العالم.