نظمت امفنت ورشة عمل إقليمية  بعنوان "إصلاح الصحة العالمية في إقليميّ الشرق الأوسط وآسيا الوسطى" يوميّ 22 و23 أكتوبر 2025 في العاصمة الأردنية عمّان، وذلك بشراكة مع مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، وكلية الطب في جامعة نزارباييف، وبدعم من صندوق ويلكم (Wellcome).

جمعت هذه الورشة أكثر من 40 من أصحاب المصلحة والخبراء رفيعي المستوى من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بهدف إعادة تصوّر بنية الصحة العالمية من منظور إقليمي متخصص. وتضمن المشاركون ممثلين عن الهيئات المعنية بصنع السياسات، والمنظمات الدولية والإقليمية، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الأكاديمي.

منصة للحوار الإقليمي

تمحورت الورشة حول ثلاث أسئلة رئيسية: أين نقف اليوم في مجال الصحة العالمية؟ وما هي الرؤية التي نطمح إلى تحقيقها؟ والأهم، كيف نحققها؟ وبالوقوف على هذه الأسئلة، عمل المشاركون على تقييم البنية الحالية للصحة العالمية، وأعطوا تصوّرا لنظام أكثر إنصافا وأسرع استجابة، وقدموا توصيات تمهد الطريق لهذا الإصلاح المرجو.

وعلى مدى يومين مكثفين، أجرى المشاركون حلقات نقاشات معمقة، وعروض تقديمية رئيسية، وجلسات جانبية لدراسة وتحليل تجارب حوكمة وتمويل الصحة العالمية في الإقليم، لتقدم الورشة منصة شاملة من شأنها إيصال الأصوات من شتى أنحاء الإقليم، وضمان تمثيل البلدان والمناطق كافة.

وقد أجمعت المناقشات التي دارت طوال الورشة على أهمية وجود هياكل حوكمة منسقة، ونماذج تمويل مستدامة، وآليات أقوى للتعاون الإقليمي بما يعكس أولويات وواقع بلدان إقليميّ الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

المحاور الرئيسة الناتجة عن الحوار الإقليمي

استندت الورشة إلى نتائج مشاورات إقليمية شاملة جمعت آراء ومواقف من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، من خلال 47 مقابلة معمقة مع خبراء رئيسيين، واستطلاع رأي شمل 248 مشاركا.

وقد حدّد المشاركون عددا من التحديات البنيوية ضمن منظومة الصحة العالمية، من أبرزها: الاعتماد الزائد على الجهات المانحة الخارجية وضعف الكفاءة الداخلية، واختلال موازين القوة في صنع القرار العالمي، وتجزؤ البرامج العمودية، ومحدودية القدرات الفنية الوطنية. كما أشار العديد من المشاركين إلى أن حوكمة الصحة العالمية ما تزال تحت هيمنة أطراف من الشمال العالمي، مع ضعف تمثيل الأقاليم الأخرى مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

كما كشف الحوار عن رؤية إقليمية مشتركة للإصلاح تقوم على التضامن والمساءلة والإنصاف، وقد شكلت هذه الرؤية الأساس للنقاشات اللاحقة خلال الورشة، مما أتاح للخبراء الإقليميين ترجمة نتائج المشاورات إلى مسارات إصلاح ملموسة.

الالتزام المشترك بالإصلاح

في كلمته خلال الورشة، عبر الدكتور مهند النسور، المدير التنفيذي لامفنت، قائلا:

"لقد أثبتت هذه الورشة قوة التعاون الإقليمي في تشكيل مستقبل الصحة العالمية. إن الأفكار والتوصيات التي نتجت عنها تعبر عن التزامنا المشترك بإيجاد حلول عملية وواقعية تنبع من السياق الإقليمي، وقادرة على إحداث فارق ملموس على النطاق العالمي".

كما أردف الأستاذ الدكتور يوسف خضر، مدير مركز التميز في الوبائيات التطبيقية في امفنت، قائلا:

"لقد أتاح هذا الحوار المفتوح تحديد أولويات واضحة لعملية الإصلاح، ورسم مسارات عمل قائمة على الواقع المحلي. وستسهم هذه المخرجات في توجيه مساهمة الإقليم ضمن أجندة إصلاح الصحة العالمية، وتعزيز التعاون بين البلدان لبناء أنظمة صحية أكثر مرونة واستدامة".

وشارك في هذه المناقشات ممثلون عن مؤسسة ويلكم، ومجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، وكلية الطب في جامعة نزارباييف، مؤكدين أهمية المنظور الإقليمي في صياغة عمليات إصلاح الصحة العالمية.

ماذا بعد ذلك؟

في ختام أعمال الورشة، توصل المشاركون إلى تفاهم مشترك حول أولويات الإقليم الأساسية فيما يخص إصلاح الصحة العالمية، وحددوا بالإجماع مجموعة من التوصيات، إلى جانب تحديات خاصة بالسياق الإقليمي، مع التركيز على تعزيز التعاون المشترك لرفع صوت إقليمي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى على المستوى العالمي. كما اتفقوا على مجموعة من مسارات الإصلاح القادرة على الإسهام في تحسين بنية النظام الصحي العالمي مستقبلا.

تأتي هذه الورشة كمحطة بارزة في انخراط الإقليم ضمن أجندة الإصلاح الصحي العالمي، إذ أرست أساسا لبناء منظومة صحية عالمية أكثر شمولا ومساءلة، قائمة على التفاهم المشترك والملكية الجماعية لأولويات الإصلاح، وبما يعكس بحق أصوات وواقع بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وانطلاقا من الرؤى والأفكار التي تم طرحها خلال النقاشات، سيتم تحويل مخرجات هذه الورشة إلى أولويات حوكمة قابلة للتنفيذ، تُدرج ضمن الورقة الإقليمية لنتائج إصلاح الصحة العالمية، لتكون خطوة محورية نحو نظام صحي عالمي أكثر شمولا واستجابة وفاعلية.