إن الأسباب الرئيسية للوفاة والعجز على مستوى العالم، هي مجموعة الأمراض غير السارية، وهي أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، وبشكل أكثر تحديدًا، فإنها تؤثر على عدد أكبر من الأشخاص كل عام، فهي مسؤولة عن أكثر من 70٪ من مجموع الوفيات عالمياً، ومسؤولة عن 80٪ من الامراض في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وقد فاقمت جائحة (كوفيد-19) من أعباء هذه الأمراض. أمّا في إقليم شرق المتوسط ​​على وجه الخصوص، فقد كشفت هذه الجائحة عن فجوات واضحة في أنظمة تقديم الرعاية الصحية، حيث كشفت عن التفاوت المتسع في منطقة الشرق الأوسط.

ففي يوم الثلاثاء 1 ديسمبر 2020، عقدت امفنت ندوتها التاسعة ضمن سلسلة ندوات امفنت عبر الانترنت، تحت عنوان "منظور جديد للأمراض غير السارية في سياق كوفيد-19"، وذلك من اجل توفير مساحة أكبر لمناقشة هذه القضية، وقد استقطبت الندوة التي استمرت لتسعين دقيقة خبراء في المجال قاموا بتسليط الضوء على الآليات المناسبة للاستجابة لهذه الأمراض غير السارية أثناء حالات الطوارئ الصحية العامة، مثل حالة كوفيد-19. وعلاوة على ذلك، فقد أتاحت الندوة للمشاركين فرصة لاكتساب معرفة متعمقة عن بلدان مختارة، حول مدى تأثر برامج وخدمات الأمراض غير السارية أثناء الجائحة.

وقد ترأس الندوة ثلاثة خبراء في مجال الصحة، وهم: ​​الدكتور علاء علوان، أستاذ الصحة العالمية في جامعة واشنطن وعضو الكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة. والأستاذة باتريشيا ريختر، النائب الأول لمدير قسم حماية الصحة العالمية في مركز الصحة العالمية ورئيس فرع الأمراض غير السارية في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). والدكتورة ابتهال فاضل رئيسة تحالف الأمراض غير السارية لإقليم شرق المتوسط ​. وأدار هذه الندوة كل من الدكتورة الأستاذة رائدة القطب عضو مجلس الأعيان الأردني وأستاذ علوم الصحة العامة في كلية الطب في الجامعة الأردنية، والمدير التنفيذي لـ امفنت الدكتور مهند النسور.

وفي كلمته الافتتاحية في الندوة، قدم الدكتور النسور موضوع الندوة والمتحدثين. ثم أتاح الحديث إلى الدكتور علوان، الذي ألقى الضوء على أسباب تعطل خدمات الأمراض غير السارية أثناء جائحة كوفيد-19، وذكر الدكتور علوان في سياق العرض الذي قدمه أن أكثر من نصف سكان العالم لا يزالون غير قادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وأن العالم بأسره ليس مستعدًا بشكل جيد للاستجابة لجائحة كوفيد-19، بالإضافة الى أسباب أخرى. وأضاف الدكتور علوان أن هناك متطلبات ذات أولوية يجب تلبيتها من أجل تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية في استجابة لهذه الجائحة. وتشمل هذه الأولوية تعزيز قيادات الصحة العامة، وإعادة ظهور جدول أعمال الدولي للأمراض غير السارية وآليات مراقبتها، ودمج التغطية الصحية الشاملة مع جهود التأهب لمواجهة الجائحة والاستجابة لها، وإعطاء الأولوية للتدخلات عالية التأثير والفعالة من حيث التكلفة، مع التركيز بشكل خاص على منصات تقديم الرعاية الصحية الأولية.

ومن جهتها، تحدثت الدكتورة ريختر عن الدروس العالمية المستفادة من تداعيات كوفيد-19 على الأمراض غير السارية. وذكرت أنه من أجل الحفاظ على صحة الأشخاص المصابين بالأمراض، يجب تقليل الذهاب الى مرافق الرعاية الصحية، وخاصة للأشخاص الذين لا يعانون من حالات ملحّة. وتشمل بعض الحلول لتحقيق هذا الهدف، تقديم الرعاية الصحية عن بُعد (بالهاتف)، أو تزويد المرضى بأدوية تكفيهم لشهور، أو ترتيب استلام الأدوية خارج المرفق الصحي. وأضافت كذلك أنه يمكننا استخدام الخدمات الصحية عن بعد في مجالات: فحص المرضى، والاستمرار في التواصل مع مقدمي الرعاية الأولية والمتخصصين، ومراقبة المؤشرات السريرية لبعض الحالات الطبية المزمنة، أو توفير التدريب والدعم للمرضى الذين يعانون من الحالات الصحية المزمنة. وأخيرًا، فقد اقترحت أيضًا تغيير المهام وإعادة توزيع العاملين الصحيين لدعم مرضى كوفيد-19، في حين يتم إعادة تخصيص عاملين آخرين لتقديم خدمات مهمة للأشخاص المصابين بالأمراض غير السارية.

كما تحدثت الدكتورة ابتهال فاضل عن سد فجوة المساءلة لمكافحة الأمراض غير السارية في منطقة شرق المتوسط، خاصة خلال حقبة جائحة كوفيد-19. وقدمت لمحة عامة عن الوضع الحالي لانتشار الأمراض غير السارية في المنطقة، واستطلعت أسباب تعطل خدمة الأمراض غير السارية. وأضافت أن جائحة كوفيد -19 كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ لبناء نظام صحي قوي مرن، يدعو إلى إدراج الأمراض غير السارية في جميع بروتوكولات طوارئ الصحة العامة. وأن ذلك سيعمل على ضمان استمرارية الخدمة والتخطيط ضد انقطاع الخدمة الناجم عن فترات الإغلاق الطويلة. ودعت أخيرًا إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية تتبع الأمراض غير السارية.

وأعقبت العروض جلسة للأسئلة والاجابة أدارتها الدكتورة القطب، وأخيراً أنهى الدكتور مهند النسور الجلسة بتقديم الشكر للمتحدثين ومدير الندوة والجمهور. واختتم الندوة مجملاً ببعض الرسائل الرئيسية التي لخص من خلالها ما قاله المتحدثون.

ومن الجدير ذكره، انه قد حضر هذه الندوة 317 مشاركًا، مما جعلها أكثر ندوة عبر الإنترنت حضورًا حتى الآن، وذلك ضمن سلسلة الندوات عبر الانترنت لـ امفنت.